صحيفة المنظار الليبية: صحيفة فسانيا
سالم أبوظهير
ذات يوم ، شدتني تغريدة نشرتها الشاعرة الليبية خلود الفلاح حين كانت الحرب في مدينة بنغازي على أشدها قالت فيها " تحت أصوات الطائرات، ونغمات مختلفة من التفجيرات، سنحتفل في بنغازي باليوم العالمي للشعر، الذي يصادف يوم 21 مارس ، و شعارنا «أنا الشاعر.. أنا حكاية مفضلة»" ..
الشاعرة سميرة البوزيدي
الشاعرة سميرة البوزيدي |
نكٌدسِّ المؤن ونواصل خوفنا على أطفالنا
فيما نفُكر في لحظة وهن
في مكامن أخُرى تنأى بعيداً
عن حفرة الدم
كل ما نستطيعه هو القلق والخوف
ننظر بشجاعة في عيون بعضنا
نلوذ بالبيوت
نرقب الميم طاء المفزعة
ونقلق باستمرار
الشاعر رامز النويصري
قصيدة طبول الحرب لرامز النويصري ، حملت بشكل دقيق بين طياتها ، وصفاً دقيقاً مؤثراً ، لما يفعله الأب الشاعر ليحمي أطفاله ، حين رسم بعاطفة الأبوة المؤثرة طبول الحرب في لوحة شعرية أخاذة ، ونقل لنا بشكل مؤثر تفاصيل حالة أب خائف يحيط به أطفاله المرعوبين ، لا يملك لطمأنتهم إلا حضنه ونصيحته وقرض الشعر.
الشاعر رامز النويصري |
في طبول الحرب يتحول رامز الأب الشاعر المرهف الإحساس، إلى الشاعر المحارب الشجاع ، فيصف لنا ببسالة وبدقة تفاصيل خططه الكاملة ، لمواجهة المعارك المتكررة المتلاحقة ، التي يعيش وأسرته وسط اتونها، ويقدم لنا خياراته المتعددة :
في انتظارِ معركةٍ قادمة،
قد تكونُ عندَ بابِ البيت،
أو في نهايةِ الطريقِ
سَأضمُّ صِغاري كلَّ مساء،
أحْكي عن السُّلطانِ الحزينِ، والفارسِ الشُّجاع
سأُعلّمهم كيفَ يبتسِمونَ للرصاص
وكيفَ يُزيحونَ صوتَ القتالِ بغِنائِهم.
الشاعر سالم العوكلي
على مرمى قذيفة من ساعة الحائط
أجمع شظايا أبنائي من أفق يتشقق
وكلما دوّى قصف في الجبال
أقول لهم إنه الرعد
ولكن كيف لوهمي أن يصمد
وهم يعرفون هوية الانفجار من نبرته.
المقتول أخي والقاتل
وهذا الرأس الملفوف بالقصدير
كأني شربت معه القهوة ذات صباح
ومن لم تقتله الحرب بترت أطرافه:
والأطراف المبتورة تمشي كلَّ ليلٍ،
في كوابيسي، إلى قبورها الصغيرة.
الشاعرة عائشة إدريس المغربي
انتهت الحرب
وتركت على رف المشتريات
كثيرا من الثياب البيضاء
كي ترتديها المدن العارية
للاحتفال والرقص
هذا ثوب ملطخ بنجوم سوداء.. لتاورغاء..
وهذا ثوب بقلب مشنوق.. لسرت..
وآخر مرسوم بسبعات الهزيمة (لبني وليد)
وأثواب كثيرة مثقوبة القلب.. لبنغازي..
وثوب لغزالة هاربة
تركض بحسناء عارية.. لطرابلس.
الشاعرة خلود الفلاح
الفتيات الصغيرات
يملأن الفراغ
بحكايات قديمة
عن آباء ذهبوا إلى الحرب
الفتاة الصغيرة
مع الدمية الوحيدة
تتأمل بكاء الضيوف
عن آباء ذهبوا إلى الحرب
الشاعرة رحاب شنيب
الشاعرة رحاب شنيب عانت من الحرب التي كانت سبباً في تهجيرها ، وجعلتها تغادر بيتها في بنغازي، فكتبت نصاً حزيناً مؤثراً جاء فيه:
لا أشتهي القصيدة
هذه الليلة
لا تلثم ملامح المارة
في شوارع مدينتي المفجوعة
لا تسكن آهاتهم
ليس لها صوت القنابل
وصراخ الأطفال
وأنة الأرامل
قصيدةٌ
لا تتسكع
في مخيمات النازحين
وفي عقول
شبابنا المسلوبين
باسم الله
حين يدركون
أنهم
خائنون مثلهم
وُضعاء مثلهم
وقتلة مثلهم
وأنهم
بنوا أحلامهم
على ركام البيوت
ودماء المجازر
الشاعر أنيس فوزي
في قصيدة مؤثرة يتساءل الشاعرأنيس فوزي بوجع عما فعلته هذه الحرب ؟، ويوضح بنباهة كيف وقع الاطفال في أتونها ؟ ليكونوا ضحيتها ووقودها...!
الأطفال يدخلون فصولهم
لتنفجر حقيبة طفل سابق.
ترك المدرسة
ونسى قلبه
وحلاقة ذقنه.
ولد من سلالة الغول
وأفلام الرعب.
وفي قصيدة أخرى له يرى أنيس أن للحرب فوائد رغم قساوتها وألامها فيقول:
الشاعرأنيس فوزي |
وذكريات تكفي لأكثر من عمر واحد
ثم يقرر في ختام قصيدته أن االحرب حرمته من فرصة اللقاء الأخير مع حبيبته
الشاعر محيي الدين محجوب
أما الشاعر محيي الدين محجوب فلا يكترث بالحرب ولايخافها فيقول في قصيدته «الغميضة»:
أمام قلبي..
ﻻ يمل الموت من لعبة الغميضة.
الشاعر محيي الدين محجوب |
قلت..
ولست أبالي
بما يضمره الرصاص
لذاكرة الحرب
الشاعر عبد الباسط أبو بكر محمد
وبسير الشاعرعبد الباسط أبو بكر محمد ، على خطى محجوب ويعلن في قصيدة «قبر هُناك» عدم اكتراثه ولامبالاته من الحرب، فيقول عن قبره:
أو سيارة مفخخة
أو فكرة تقطع الرأس!
وأخيرا
يقودهم في هذا الشعرالليبي، الذي أتبث واقعياً أنه قادر على
التحدي المفروض عليه، فقبله وأنتج منه إبداع يستحق
أن يهتم به الناس رغم ضجيج الحرب، إبداع نجح شعراء وشاعرات ليبيا في أن يوظفاه ليكون وسيلة من وسائل تخفيف حدة
الالم والحزن والتشاؤم والخوف، وكتب بعض منهم
قصائد عديدة عن هذه الحرب قد تختلف ،لكنها تمثل كلها حالات وجدانية متباينة
تتفق في مضمون واحد تقريبا يقود لعنوان واحد ،وهو أن الشاعر الليبي الانسان ،لا
يكره الحرب فقط ،لكنه يقاومها من أجل أن يكون وفيا لوطنيته الليبية وطنه ليبيا.
نرحب بتعليقاتكم