pinterest-site-verification=9c2615a3f2f18801311435c2913e7baa ثلاث قصائد للشاعر الراحل السنوسي حبيب
📁 آخر الأخبار

ثلاث قصائد للشاعر الراحل السنوسي حبيب

ثلاث قصائد للشاعر الراحل السنوسي حبيب
 

(1) ذات مساء حافل بالنيران

هذا مساء البهيات فلتركضي يا جياد الدماء

فكل المدائن مفتوحة کی تغوصي إلى العمق

أو تحبلى زهر التفجر

أو تشعلي في البيادر انشودة الانتماء

مابين الكبوة والصحوة

ينهمر رصاص غادر

مابين الوقفة والوثبة ينفجر سخط طاهر

* * *

وانت الهوى يملأ القلب

والقمح يحمل جذر التحول نحو مدائننا الاتية

ومن يعرف الحب هذا المساء

فلن يتراجع في المحن القادمة

وانت معاناة جيل تخير ان يمتطى الحزن والموت

من اجل ان يورق الحب والقمح في راحتيك

فلا تجزعي 

فما كل من يقتلونه هذا المساء سيغدو رمادا

ولكنها النار في الدم

نلقحها الكون كي تتمنطق خاصرة الأرض بالحب

والقمح والانتشاء

وإن شئت أن تعرفي سر هذا التفجر

فقومي إلى البحر کی نستحما

ونسأله السر

فينفحنا لغة هي أجدى

ويرشقنا قوة هي أقوى

ففي البحر ترسو جميع السفن

وفي البحر تنمو زهور التمني 

وذاكرة البحر صافية لاتخون

وفي البحر يكمن در ودر

* * *

 ولا تجزعي إن تأخرت ذات مساء

ففي العمق افراس بحر واسماك قرش

ولكن دغدغة الموج للرمل في خاطري مدن تزدهر

ووشوشة القمح والريح في داخلي نشوة تستعر

فمدى ذراعيك كي نعبر المد و الجزر نحو الغد المزهر

وهذا مساء تفجر بالواقع الحلم والحلم الواقعي

فقومي مع القائمين ارقصى نشوة وانتصارا 

فهذي بداية ادبار يوم الخنوع

وهذي بشارة ميلاد عصر التحدي

(2) يوميات الجرح وأم الحزانى


توسدت جرحك

غافلت حزنك

حاولت أن تستريح قليلا

لكن محال  ينام الذي فرشة

الأرض مبتله والنجوم غطاه

وكل مساء قبيل اكتمال الصحاب

 يجالسني الحزن والاشتهاء الجموح

 فلا ألتقيك ولا تلتقيفني

 ولا تكتمل جلسة الحب

 والعشق والانتشاء

وذات مساء وكان السحاب يجمع قطعانه في سماء المدينة

 تعقب المخبرون إلى باب دارك

 حتى تلفت - ماذا تريدون - قالوا : 

سمعنا تهتف بالعشق الأرض والشعب
 
 قلت : استحوا ماذا في ذاك

 صاحوا : جريمة

تنسمت ريح الصبابة والعشق

 من رئة البحر حين تتنفس

 أحسست أنك 

 في حضرة البحر والمد والجزر موجة

أيا واحة الحب والقمح

یا ذات غمازتين هما : الخمر والدف

عذبني زمني فاقبليني  بمرفأ عينيك دهراً

لعلي أضمد بعض الجراح

واغسل من صدأ الحزن في - الزمن الحزن - قلبي.

تنامين في خاطر الكون وفي خاطري

منذ مليون عام 

فيغمرك المد والضيم حين

وحينا تكونين عامرة بالبذار الأصيلة والانتماء

وحينا تكون المسافة ما بين هاوية الموت
 
والنصر مربض قطرة

(3) تهويم سوريالي


نمل أسود

دأب وانتظام يجرح الصورة

يفتح مسارب داخل الجسد

وعلى حدود الذاكرة

يلتف حول الساقين الجميلتين ببطء شديد

وحذر أشد 

يتشعب عبر التلافيف
 
زخارف بها خضرة الشجر الغض

وحمرة الشفق المدمی

وزبدة القمر الشهي 

وسخام النفط المحترق

إنسجام متنافر

وتنافر يبيع نفسه لضده

يعطي ظهره للقمر

يدخل خارطة الظلام 

مكبلا عينيه بيديه

ممتطيا صهوة جواد الفراغ

شاهراً سيف الكلام الحامض

 مرتدياً خبار أحذية الغزاة

راقصاً على إيقاع بوارج الأساطيل 

مهمها بمفردات مبهمة وصفيحية

کلمات متقاطعة تستعصي على الحل

مفردة ينقصها حرف واحد

أفقيأ كلمة "شاعر" معکوسة 

وعمودياً إبحث عنها في كلمة حرياء

ما للحرياء وما للنمل الزاحف
 
في دأب فوق البطن العاجي؟ 

حليب لوزي في الثدي القمري الطلة
 
تعمل حول الحفرين ووسط السرة

حرياء في أعلى الصورة 

تتبرج وفق الموضة والمطلوب 

ما هذا التخريف؟! 

آرسام من رسم الصورة؟

أم طقل يعبث بالألوان؟

هيمان سوريالي؟ أم عبث طفلي؟

عشرة أفيال فوق الرقعة 

فيل أسود قرب النمل الأسود

فيل أبيض قرب النمل الأسود

فيل طاووسي الألوان 

يدخل خرطومه تحت الرقعة 

هرماً من نمل صار الفيل الزاهي

من قلب الرقعة؟ 

فيل؟ أم نمل لا يعرف لونه؟

تخريف هذي الصورة؟

أم حلم سوريالي ؟

ضاربة شواشي السعف الطويلة

ومبعثرة كل شيء

 مذرذرة الكتبان في كل اتجاه

لاتبقي ولاتذر

مولولة ومعربدة 

 طامة الآبار وقنوات المياه

محولة الحقل اليانع

إلى قاع صفصف

وأشجار البرتقال إلى عصف مأكول

نافثة جنونها الحاقد

زمجرة عنيفة 

لاحد لصخبها

ولا رادع لعربدتها 

شواظ من زمهرير الصحراء

يزحم الأفق ويسد المدى 

لاطما قبة السماء

الجمال الرشيقة القوام

ذات السمت العالي 

والرقاب الطويلة

يموج وبر سنامها عبر الشعب

ترتع في تمهل ظاهر

العشب الشوكي 

متلعة أعناقها المديدة 

عبر شجيرات الرتم اليانع

طابعة وشم أخفافها 

بيض نعام على أديم الوادي

تتقافز من حولها

افراخ القطا والجرذان البرية 

وفجأة يعلو نعيق

مزحما قبة السماء

باصطفاق الأجنحة والصرخات

الحادة 

ويفرقع سوط العاصفة

لاویا رقاب بعضها ببعض

كحاو يرقص حقل أفاعي

دافعا أجسادها في الهواء

 ولازا رؤوسها كطائرات مروحية

قالبا الوداعة إلى عنف

والهدوء إلى تخبط شرس

ناشرا ألوية الفزع 

عبر السهل الفسيح

محولا البساط الماتع 

إلى حمادة كالحة 

ينفخها الغبار

وتحوم فوقها الغربان

صحيفة المنظار الليبية
صحيفة المنظار الليبية
تعليقات