د. ناجي بركات |
كيف وصل الراحل عبد الرحيم الكيب لرئاسة الوزراء؟
كتب: د. ناجي بركات
الصراع على شخصية الرئيس
منذ بداية شهر نوفمبر 2011 م ، بدأ الصراع على شخصية رئيس الحكومة المقبلة. كان من المفروض أن يقوم رئيس المجلس الانتقالي بترشيح شخصية لقيادة الحكومة المقبلة، ويتم التصديق عليها من قبل المجلس الوطني الانتقالي ، وبعدها يقوم بإعلان وزارته من عدة وزراء. لقد كان د. علي الترهوني (نائب رئيس المكتب التنفيذي بطرابلس ووزير النفط والمالية)، أقرب الأشخاص لتولي هذا المنصب فهو أقدرهم. للاسف، مرة اخرى، تم تغيير هذا وتقرر أن يتم قبول مرشحين من داخل المجلس الوطني الانتقالي والمكتب التنفيذي لهذا المنصب ، ويجري التصويت عليهم من قبل أعضاء المجلس الوطني الانتقالي .
هذا لم يكن موجودا أصلا بالإعلان الدستوري، ولم يناقش أبدأ . إنه صنيعة مجموعة معينة تريد إبعاد د. علي الترهوني من رئاسة الوزراء .
فتح باب الترشح
بدأ الصراع على المنصب وفتح باب الترشيح وتقدم عدد (9) أشخاص ، وأذكر أن رئيس المكتب التنفيذي دفع بثلاثة من هم مقربون منه ومن المجلس الوطني الانتقالي، وكان هناك (3) مستقلين . انسحبت الشخصيات التي رشحها رئيس المكتب التنفيذي في الأيام الأولى ، ويبدو أن رئيس المجلس الوطني الانتقالي طلب منهم هذا ، وبقى على الترهوني،وعبد الرحيم الكيب ، ومصطفى الرجباني، وإدريس أبو فائد، وأبو حجر، وفاضل حشاد ، وشخص آخر قريب علي زيدان .
قرر أعضاء المجلس الوطني الانتقالي إجراء انتخابات داخلية والتصويت على اختيار رئيس الحكومة . كانت أكثر الأسماء حظا هی : على الترهوني . وكان رئيس المجلس الوطني الانتقالي أكثر من دفع لانتخابه ، ومن المفروض اختياره رئيسا للوزراء من قبل رئيس المجلس الوطني الانتقالي . إلا أن الكارثة حصلت وسرقت مجموعات تيار الإسلام السياسي ومن معهم السلطة ، وتم تزویر العملية وتغيير ما تم الاتفاق عليه حتى يتم إبعاد أي شخصية وطنية وسطية.
تيار الإسلام السياسي
لقد تحدث الكثيرون عن هذا ، ولكن من سرقوا السلطة في شهر نوفمبر 2011 م ، هم تيار الإسلام السياسي الذين سمح لهم بعمل هذا بدون أي وجه حق، ولا بما يقره الإعلان الدستوري أو المجلس الوطني الانتقالي . لقد تم التوافق على أن يرشح رئيس المجلس الوطني الانتقالي رئيس الوزراء الجديد ، ولكن اللعبة تغيرت حيث تأليب جميع أعضاء المجلس ضد هذه الفكرة، وتغير رأي رئيس المجلس الوطني الانتقالي.
حدثني د.على الترهوني أن رئيس المجلس الوطني الانتقالي هو من كان سيرشحه، وأن جميع الأطراف كانت موافقة عليه والدول المعنية بالشأن الليبي ، إلا قطر ، قال لي : " قبل موعد إعلان الأسم بثلاث أيام، أن أحدا لم يتواصل معه وأنه سمع بأن هناك تغييرا اتصل به رئيس المجلس الوطني الانتقالي وأخبره أن لا يهتم وأنه هو المرشح الرئيسي وإنما هي شكليات" .زاد الشد والرد وتم تغيير كل شيء.
بين الجولة الأولى والجولة الثانية
جرت الجولة الأولى داخل المجلس الوطني الانتقالي، وحصل كل من عبد الرحيم الكيب، ومصطفى الرجباني، وعلي الترهوني على أكبر عدد من الأصوات ، وكان من المفترض إجراء الجولة الثانية في اليوم التالي، وأكثر الأشخاص حظا هو علي الترهوني ، وكان الجميع متفائلا بنجاحه مع أن كتلة تيار الإسلام السياسي لم تكن تريده . وجاءت الجولة الثانية حاسمة وقوية ، ولم يحصل فيها علي الترهوني إلا على 3 أصوات ،والباقي توزعت بين الرجباني والكيب . كانت حظوظ الرجباني أكثر من الكيب ، إلا أن من حسم الجولة هم أعضاء سبها، حيث كانوا يريدون الرجباني وحدث جدال بين الجميع . وما حصل هو أنه تم شراء الذمم قبل الجولة النهائية . وذهبت أصوات خمسة من جماعة الجنوب لصالح الكيب بعد وعدهم بحقائب وزارية . كان هذا يحدث في مرابيع وبيوت قادة تيارات الإسلام السياسي وجبهة الإنقاذ بسوق الجمعة , لقد عايشت هذا ساعة بساعة ويوما بيوم وحتى ساعات متأخرة من الليل .
وأخيراً نجح عبد الرحيم الكيب
في النهاية نجح عبد الرحيم الكيب الذي لم يكن معروفا ، وليست لديه أي خبرة سياسية أو قيادية أو حتى اجتماعية . لقد نجح لأنه الأقرب إلى جماعة الإسلام السياسي وجبهة الإنقاذ . وكان بالنسبة لهم الأفضل لكي يقوموا بعمل ما يريدون عمله . لقد سرقت الثورة منذ هذه اللحظات وأصبحت السلطة في يد فئة لا ولاء لها للوطن ، و همهم الوحيد الاستيلاء على السلطة والاستحواذ على كل شيء . تلقى التيار المدني ضربة وصفعة قوية، وتوقفت عجلته في ليبيا وشنت عليه حرب ومنع من الوصول إلى السلطة ، رغم أنه الأكثر شعبية داخل ليبيا.
نرحب بتعليقاتكم